ملح الطعام
يتكون
ملح الطعام الصلب الذي نستخدمه يومياً في أطعمتنا من أيونين هما : أيون الصوديوم
الموجب ، وأيون الكلوريد السالب.
أنت تستطيع أن تشاهد كمية من ملح الطعام الصلب
بعينك ، ولكنك لم تشاهد ( ولعلك لن تشاهد أبداً ) أيون صوديوم منفرداً (Na+)
أو مجموعة من أيونات الصوديوم منفرداً
كما تشاهد حبات ملح الطعام . ينطبق الأمر نفسه على أيون الكلوريد الذي لا يوجد
منفرداً في الطبيعة ولا يمكن الحصول عليه (ولا على غيره من الأيونات) منفرداً حتى
الآن .
الصوديوم
Sodium
عنصر
الصوديوم موجود في الطبيعة كمركبات عديدة منها كلور الصوديوم (ملح الطعام) إن هذا
الملح ضرورة من ضروريات الحياة فهو يشكل جزءا من مادة البروتوبلازما الحيوية في
خلايا الكائنات الحية كما أن وجوده لازم بكمية معينة في جميع السوائل الداخلية
الحيوية لاستمرار الحياة حتى إذا انخفضت الكمية اللازمة للجسم أو أوشكت جاء
الإنذار ينادي بتدارك هذا الخطر لتزويد الجسم بهذا العنصر.
ولما
كان الإنسان يفقد قسما منه عن طريق الإفرازات المطروحة من الجسم صار لزاما تعويض
ما فقد عن طريق الطعام المحتوي على الملح أو بتناول الملح ذاته على أن يلتزم
باستهلاك هذه المادة بالمقدار اللازم.
إن
الملح موجود في الطبيعة بمناجمه الخاصة، لكنه يوجد أيضا في اللحوم والأسماك،
اللبن، الخضروات، وفي الخبز المحتوي على الملح بحسب الطرق المتبعة في صنعه ويحتاج
الإنسان البالغ يوميا الى حوالي عشر غرامات أو أكثر من ملح الطعام وهي كمية قد
يفقدها الجسم بالإفرازات العرقية خلال ثلاث ساعات أثناء بذل المجهود الشاق وتحت
أشعة الشمس، لذلك يجب الإنتباه بتزويد الجسم بالكمية اللازمة وتناول كمية إضافية
حين التعرض للأعمال المجهدة والطقس الحار لتدارك ما يفقده الجسم بسبب هذه
الإفرازات المحتوية على مادة الملح.
ما
هي أضرار الإفراط بتناول الملح؟
ينتج
داء السكري عن تصلب والتهاب البنكرياس (أي الغدة التي تفرز مادة الأنسولين بالقدر
اللازم للجسم لكي تحافظ على مقدار مستوى السكر في الدم واحتراق ما يزيد عن حاجة
الجسم). وان التهاب وتصلب البنكرياس قد يكون بسبب الإفراط في تناول الملح والسكر
الصناعي. كما أن الإصابات المبكرة في الشرايين (ارتفاع ضغط الدم) والشيخوخة
المبكرة سببها الإفراط بتناول الملح وكثيرون من علماء التغذية يعتقدون بأن الإفراط
في تناول الملح يحدث التصلب والخمول كما أن المخ والعضلات والعيون والأجهزة
التناسلية وغيرها تفقد مرونتها وتصبح عرضة للتكلس بسبب ذلك.
الأطباء
يمنعون مرضاهم من تناول ملح الطعام لوجود معدن الصوديوم فيه وما ينطبق على ملح
الطعام ينطبق على كل مادة يوجد فيها هذا المعدن مثل ثاني كربونات الصوديوم،
كبريتات الصوديوم (المسهل) ساليسيلات الصوديوم، والخبز المحتوي على الملح.
الاكثار
من ملح الطعام يضر بالجسم
بعد
ظهور الثلاجات التي اتاحت حفظ الاغذية بطريقة مختلفة غير التمليح انخفض استهلاك
الناس للملح، ولكن ليزداد مرة اخرى بعد تنامي الطبخ الصناعي. ومن المعروف ان
الهيئات الصحية العالمية توصي بعدم تناول أكثر من 6 الى 8 جرامات في اليوم من
الملح.
ما
هو الخطر الذي يشكله الملح على الصحة؟ تأثير الملح على ضغط الدم معروف منذ زمن
طويل، وقد أكدته دراسات عديدة في حين اشارت اخرى الى ان فرط ضغط الدم نادر مثلا في
جزر المحيط الهاديء، حيث يقل استهلاك الصوديوم عن 4 جرامات في اليوم قياسا مع
اليابان التي يصل فيها هذا الاستهلاك الى 20 جراما ويصل معدل فرط ضغط الدم الى
39%.
وأشارت
اعمال حديثة ايضا الى ان قرد الشمبانزي الذي يتميز بنظام غذائي غني بكلور الصوديوم
يظهر لديه ازياد هام في فرط ضغط الدم.
ولتأكيد
هذه المعلومات وتدقيقها، أطلقت دراسات كبيرة كثيرة خلال السنوات العشر الماضية
بهدف تحديد التوصيات الغذائية المتعلقة بالملح بشكل أفضل. وهكذا، أكدت الدراسة
التي سميت «انترسالت» التي نشرتها مجلة «بريتش مديكال جورنال» عام 1996 وشملت 10
آلاف شخص يتمتعون بصحة جيدة، ان انخفاض مورودات الجسم من الصوديوم يؤدي الى انخفاض
الضغط الشرياني على نحو لا يستهان به. وتم التوصل الى نتائج مماثلة من خلال دراسة
أحدث «الانترماب» التي أطلقت عام 1996 في الولايات المتحدة والصين واليابان
وبريطانيا. مع ذلك، فهل يؤدي الملح دورا رئيسيا بمفرده، أم ان هناك عوامل مشاركة؟
يؤكد
البعض انه فوق عتبة ما، يغدو مورود الملح الى الجسم مسئولا رئيسيا عن فرط ضغط
الدم. ويرى آخرون ان الملح هو عنصر مشارك هام، مرتبط بعوامل تحث على التأثر
بالملح. وشاهد ذلك استجابة الضغط الشرياني المتغاير لازدياد مورود الملح أو تناقصه
في النظام الغذائي. وقد لوحظ تأثر أكبر للملح لدى الاشخاص المسنين، الافارقة، أو
ايضا لدى الاشخاص الذين يعانون من ضغط دم مرتفع أصلا، على حد عبارة الدكتور اكسندر
ج. لوكان (تورنتو/كندا).
من
جانب آخر، ربما كانت هناك حالات تأثر بين البوتاسيوم والملح وضغط الدم. وهكذا، فإن
النظام الفقير بالبوتاسيوم يعمل على تخفيض افراغ الصوديوم ويحدث ارتفاعا في ضغط
الدم. إذن، ربما كان التأثر بالملح متعلقاً ايضا بتناول البوتاسيوم، كما ان تناول
الكالسيوم قد يكون له تأثير في تنظيم الصوديوم وضغط الدم. تشير هذه الدراسات الى
أهمية حالات العوز الغذائي (كالبوتاسيوم والكالسيوم) وحالات الافراط (كالوزن
الزائد والصوديوم) في الوقاية من فرط ضغط الدم وعلاجه.
هل
هناك تأهب وراثي لهذا التأثر الخاص بالملح؟ يقول الدكتور اكزافييه جونميتر (مستشفى
جورج بومبيدو/باريس): ترمز غالبية الجينات التي نعتبرها مسئولة عن تحوير ضغط الدم
للبروتينات الضالعة في تنظيم الملح والماء. نقوم منذ عام 1988 بانجاز دراسة متعددة
المحاور هدفها تمييز عدد كبير من الاخوة والاخوات ضمن الأسرة الواحدة، المصابين
بضغط الدم، لدراسة التأثرية بالنظام الغذائي الخالي من الملح بشكل خاص. واليوم
تؤكد العديد من الدراسات بأن التقليل من تناول الملح يخفف ضغط الدم. وأظهرت دراسة
«داش صوديوم» الامريكية التي شملت 412 مشاركا قدمت خلالها اطعمة ومشروبات
لاستهلاكها على مدى ثلاثين يوما، وفق ثلاثة أنظمة غذائية ملحها معير تماما، ان
أولئك الذين تناولوا القدر الأقل من الصوديوم ظهر لديهم الانخفاض الأكبر في ضغط
الدم (وفقا لمعطيات الدكتورة ايفا اوبارزنك ـ بتسدا/الولايات المتحدة الامريكية).
من
جانب آخر، وفقا لدراسة جاكو تيوملتو (معهد الصحة/هلسنكي) التي انجزها مؤخرا وشملت
2400 شخص، فإن تناول الملح المتزايد يشكل احد مخاطر الوفاة القلبية ـ الوعائية،
بغض النظر عن ارتفاع ضغط الدم. وهنالك دراسات اخرى حديثة تشير الى ان الافراط في
تناول الملح قد يزيد من افراغ الكالسيوم، وبالتالي ازدياد مخاطر التعرض لتخلخل
العظام. ومن هنا فإن التقليل من الملح يقلل من وقوع تخلخل العظام، حسب عبارة فرنشيسكو
كبوشيو ـ مستشفى سان جورج/لندن.
رغم
كل شيء، لم ينجز سوى القليل من الافعال للحد من استهلاك الملح، ويأتي ذلك كنتيجة
مباشرة لنفوذ صناعة الملح والصناعة الغذائية اللتين تعارضان بشكل عام مثل هذه
التوصيات. إن ما بين 70 الى 80% من استهلاكنا يأتي من الاغذية الصناعية. والناس لا
يعرفون ذلك. يجعل الملح الاطعمة التي لا تتميز بطعم طيب قابلة للأكل، كما يتيح
امكان اضافة الماء للمنتجات القائمة على اللحوم مما يزيد وزنها دون تكلفة اضافية..
على حد عبارة جراهام ماكجرجور (مستشفى سان جورج/لندن).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق